سورة الحج - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)}
{يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض} دخل في هذا من في السموات من الملائكة، ومن في الأرض من الملائكة، والجنّ ولم يدخل الناس في ذلك؛ لأنه ذكرهم في آخر الآية، إلا أن يكون ذكرهم في آخرها على وجه التجريد، وليس المراد بالسجود هنا السجود المعروف، لأنه لا يصح في حق الشمس والقمر وما ذكر بعدهما، وإنما المراد به الانقياد ثم إن الانقياد يكون على وجهين: أحدهما الانقياد لطاعة الله طوعاً، والآخر الانقياد لما يجري الله على المخلوقات في أفعاله وتدبيره شاؤوا أو أبوا {وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس} إن جعلنا السجود بمعنى الانقياد لطاعة الله، فيكون كثير من الناس معطوفاً على ما قبله من الأشياء التي تسجد ويكون قوله: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب} مستأنفاً يراد به من لا ينقاد للطاعة، ويوقف على قوله: {وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس}، وهذا القول هو الصحيح؛ وإن جعلنا السجود بمعنى الانقياد لقضاء الله وتدبيره؛ فلا يصح تفضيل الناس على ذلك إلى من يسجد ومن لا يسجد لأن جميعهم يسجد بذلك المعنى، وقيل: إن قوله: {وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس} معطوف على ما قبله ثم عطف عليه وكثير {حَقَّ عَلَيْهِ العذاب} فالجميع على هذا يسجد وهذا ضعيف لأن قوله: {حَقَّ عَلَيْهِ العذاب} يقتضي ظاهرة أنه إنما حق عليه العذاب بتركه للسجود، وتأوله الزمخشري على هذا المعنى، بأن إعراب {وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس} فاعل بفعل مضمر تقديره يسجد سجود طاعة أو مرفوع بالابتداء وخبره محذوف تقديره مثاب وهذا تكلف بعيد.


{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)}
{هذان خَصْمَانِ} الإشارة إلى المؤمنين والكفار على العموم، ويدل على ذلك ما ذكر قبلها من اختلاف الناس في أديانهم، وهو قول ابن عباس، وقيل: نزلت في علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث حين برزوا يوم بدر لعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، فالآية على هذا مدنية إلى تمام ست آيات، والخصم يقع على الواحد والاثنين والجماعة، والمراد به هنا الجماعة، والإشارة بهذان الفريقين {اختصموا فِي رَبِّهِمْ} أي في دينه وفي صفاته، والضمير في اختصموا لجماعة الفريقين {فالذين كَفَرُواْ} الآية: حكم بين الفريقين، بإن جعل للكفار النار وللؤمنين الجنة المذكورة بعد هذا {قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ} أي فصلت على قدر أجسادهم، وهو مستعارمن تفصيل الثياب {الحميم} الماء الحارّ.


{يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20)}
{يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ} أي يذاب، وذلك أن الحميم إذا صب على رؤوسهم وصل حره إلى بطونهم، فأذاب ما فيها، وقيل: معنى يصهر ينضج.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9